Image removed.

إعلانات

نوازل التنقيب عن الذهب في موريتانيا ) ملخص بحث لنيل شهادة الماستر في المعاملات الإسلامية المعاصرة

الحمد لله الذي أخرج لعباده ما في الأرض بمحض التدبیر، وسخره لھم أیما تسخیر،

وھو الواحد الأحد العلي القدیر، والصلاة والسلام على من أقطع لبلال بن الحارث

معادن القبلیة؛ محمد بن عبد الله ذي الخلق السویة، والنفس الزكیة، وعلى آله

وصحابته ومن تبعھم بإحسان من سائر البریة.

وبعد: فإن الفقه في الدین من الأمور التي لا تقدر قیمتھا بقدر، ولا یعلم غیر الله ما

فیھا من أجر، وإن تبیین الأحكام للناس في أمر دینھم ودنیاھم كذلك له ما له من

الأجر العظیم؛ لكونه سببا للھدایة إلى الصراط المستقیم.

وأغلب أبواب الفقه  قتل بحثا لا یحتاج لإیضاح ولا تبیین من المعاصرین؛ لأن

الفقھاء المتقدمین والمتأخرین لم یدخروا جھدا في سبیل ذلك، غیر أن المسائل

الطارئة للمسلمین في أمور دینھم، ودنیاھم بقیت تحتاج لحل وتبیین حكم لھا إبان

نزولھا، ویعتبر البحث فیھا مسألة مھمة ومحتاجا إلیھا؛ شرع من أجلھا الاجتھاد

والقیاس، ونصب من أجلھا القضاة، وأنشئت لھا مجامع إسلامیة ومنتدیات، ومجالس للفتوى؛ كل ھذا من أجل النظر في ھذه النوازل الطارئة، وتحقیق مناطھا وإناطة الحكم الشرعي بھا.

ونظرا إلى ھذا كله وقع اختیارنا على موضوع: "نوازل التنقیب عن الذھب في موریتانیا –دراسة فقھیة، قانونیة-"

وھذا الموضوع له جوانب متعددة كالترخیص وكیفیة الزكاة، وطرق المعاملات والشراكات في عملیة التنقیب...

ولا یخفى أن أغلب ھذه المسائل یحتاج إلى تدقیق، وبحث طویل، مع العلم أن َّ َن الأقدمون أحكامھا، على بعض المسائل المتعلقة بھ كالترخیص والزكاة، بالتفصیل؛ لذلك كان بحث ھذا الموضوع أمرا حتمیا یفرضه الواقع.

كما أن له جانبا قانونیا أیضا یحتاج ھو الآخر إلى بحث وتدقیق ونظر في مواءمتهو لواقع المنقبین ومدى شموله لما تحتاجه عملیة التنقیب من ضبط وتنظیم؛ لھذا جعلت دراسة الموضوع: "دراسة فقھیة قانونیة

والواقع والحال أكبر دافع لبحث الموضوع بالإضافة إلى بعض الدوافع الأخرى

مثل:

- كونه موضوعا مستجدا لم یحظ بعد بالبحث الشامل لأغلب جوانبه _حسب اطلاعي-

- كونھ یتعلق بتخصصنا: (المعاملات المالیة المعاصرة) من ناحیة تعامل

المنقبین في ما بینھم بالإجارة والبیع والشراكة...

- كونھ یساھم في إثراء النوازل الفقھیة المعاصرة

ولا یسلم أي عمل بشري من صعوبات، خاصة ما تعلق منھ بالبحث عن أحكام

المسائل الطارئة، غیر أنھ یمكن تلخیص أھم الصعوبات التي عرضت لنا أثناء بحث

ھذا الموضوع في الآتي:

- عدم وجود مرجع متخصص یستوعب الجوانب المھمة للموضوع، فقھا

وقانونا.

- قلة المراجع المتوسعة في بعض جوانب الموضوع.

- تفشي "وباء كورونا" الذي منعنا من الحركة والذھاب إلى المكتبات.

یأتي بحث ھذا الموضوع محاولة لمعالجة إشكال طرح نفسھ على الموریتانیین

بدایة عام ألفین وستة عشر(2016 (وھو فتح الدولة لأماكن في شمال البلاد

واكتشاف المواطنین للذھب فیھا والشروع في التنقیب السطحي.

وقد تكاثر المنقبون عن الذھب في ھذه الأماكن وأصبح التنقیب یضع إشكالا من حیث ترخیصھ ھل ھو حق للحكومة؟ أم إن للمواطنین الحق في التنقیب في الأماكن التي لا یملكھا أحد وھي بعیدة من المدینة، ومن حیث أیضا زكاة الخارج من الذھب ھل یزكى زكاة المعدن أم یزكى زكاة الندرة، وكذلك المعاملات الخاصة التي أحدثھا المنقبون ھل توافق الشریعة، والقانون أم لا؟

والمنھج المتبع في ھذا الموضوع ھو المنھج الوصفي والتحلیلي معا.

_وقد اتبعنا في إعداد الموضوع الخطة الآتیة:

مقدمة، وتشتمل على أھمیة الموضوع، وأسباب الاختیار وإشكال البحث

والصعوبات، والمنھج والخطة المتبعان في البحث.

لفصل الأول: النوازل المتعلقة بالذھب أصالة، ویشتمل على ثلاثة مباحث یتناول

الأول منھا، مفھوم الذھب، وتطوره عبر العصور، ویشتمل ھذا المبحث على

مطلبین یتناول الأول منھما مفھوم الذھب، ویتناول الثاني تطوره عبر العصور.

ویتناول المبحث الثاني: مشروعیة التنقیب عن الذھب، ویشتمل ھذا المبحث على

مطلبین یتناول الأول منھما أدلة مشروعیة التنقیب عن الذھب، ویتناول الثاني أقوال

العلماء في جواز التنقیب عن الذھب.

ویتناول المبحث الثالث: زكاة معدن الذھب وما یتعلق بھا، ویشتمل على ثلاثة

مطالب، یتناول الأول منھا: زكاة الخارج من معدن الذھب عند المالكیة، ویتناول

الثاني: زكاة الخارج من معدن الذھب عند غیر المالكیة، ویتناول الثالث: تحقیق

المناط في معدن الذھب في موریتانیا.

َعا یشتمل على ثلاثة مباحث، یتناول ً الفصل الثاني: ،

الفصل الثاني النوازل المتعلقة بالذھب تبعا

الأول منھا نوازل المنقبین المتعلقة بالعبادة، ویشتمل على مطلبین یتناول الأول

منھما نوازل الصلاة والصیام في التنقیب، ویتناول الثاني: النوازل المتعلقة بالزكاة.

ویتناول المبحث الثاني: الإجارة وتنزیلھا على واقع المنقبین، ویشتمل على مطلبین:

یتناول الأول منھما: الإجارة في التنقیب عن الذھب، ویتناول الثاني: نوازل المنقبین المتعلقة بالإجارة.

ویتناول المبحث الثالث: شركة الأبدان وتنزیلھا على واقع المنقبین، ویشتمل على مطلبین یتناول الأول منھما: شركة الأبدان في التنقیب، ویتناول الثاني: نوازل المنقبین المتعلقة بالشراكة.

الفصل الثالث: التنقیب عن الذھب في موریتانیا من الناحیة القانونیة، ویشتمل على مبحثین، یتناول الأول منھما: التنقیب ومتطلباته القانونیة، ویشتمل على مطلبین

یتناول الأول منھما: إجراءات ترخیص التنقیب، ویتناول الثاني: ضوابط التنقیب

وملاءمة قانونة مع واقع المنقیبن، ومع الشریعة.

ویتناول المبحث الثاني: التنقیب وإشكالاتھ القانونیة، ویشتمل على مطلبین یتناول

الأول منھما: الإشكالات القانونیة المتعلقة بالترخیص، ویتناول الثاني: الإشكالات

القانونیة المتعلقة بالمعاملات (الإجارة، والشراكة)

_الخاتمة، وتتضمن أھم النتائج، والتوصیات.

وأھم النتائج التي تضمنھا البحث ھي كالآتي:

1 .أن الراجح من قول ابن رشد القول بأن المعادن كلھا یرخصھا الإمام، ولا

اعتبار بالأرض التي تخرج فیھا، إلا أن تكون في أرض قوم صالحوا علیھا فتكون لهم؛ ما لم یسلموا. بمعنى أن معدن الذھب في موریتانیا ترخصیھ یرجع للوزارة المكلفة بالمعادن وفق الضوابط التي وضعت لذلك.

2 .أنھ في ما یتعلق بزكاة معدن الذھب فقد فرق المالكیة بین المعدن والركاز، والندرة، فتجب الزكاة في ما خرج بمشقة، من معدن الذھب، وبلغ نصابا وأخرجھ صاحبھ من مكان واحد، وبلا تأثیر للدین في ذلك، ودون احتیاج لمرور الحول، وأما ما لیست فیھ مشقة (الندرة والركاز) ففیھ الخمس مطلقا.

3 .أنھ إذا اشترك اثنان فأكثر في التنقیب وحصلوا على نصاب من الذھب: (85

غراما) فلا تجب علیھم الزكاة بل لا بد من أن یحصل كل واحد منھم نصابا، ویزكي الشخص كل ما حصل علیھ بغض النظر عما تكلف في تحصیلھ.

4 .أن الشافعیة والمالكیة اتفقوا في التفرقة بین المعدن والركاز، وفي إیجاب الزكاة في معدن الذھب والفضة خاصة، بشرط بلوغ النصاب، وأما الركاز فیجب فيهھ الخمس عندھم بشروط الزكاة.

5 .أن الحنابلة اتفقوا مع المالكیة والشافعیة على أن في الركاز الخمس، غیر

أنھم أوجبوا الزكاة في كل معدن یخرج من الأرض سواء كان ذھبا أو غیره.

6 .توصلنا بعد مناقشة الفتاوى الواردة في معادن موریتانیا إلى أن ما یخرج في الشمال الموریتاني من معدن الذھب تتناولھ أحكام: "ما نیل من المعدن بمشقة" وھي إخراج ربع العشر بشرط بلوغ النصاب.

7 .أنھ یجوز للمسافر من أجل التنقیب عن الذھب أن یقصر الرباعیة إذا كان

سفره مسافة قصر.

8 .أنھ یجب علي المنقب صوم رمضان ولا تعتبر مشقة العمل مشقة تبیح

الإفطار في رمضان إلا إذا حصل لھ عظیم مشقة بعد عقد النیة وكان لا یمكنھ

الاستعفاء من عمل التنقیب ولا مواصلة عملھ بسبب العطش فیجوز لھ أن یفطر بما یدفع عنھ تلك المشقة ویمسك وجوبا حتى الغروب ویقضي ذلك الیوم.

9 .أن جمھور العلماء منع إجارة المجھولات، وھي الإجارة بالنسبة؛ إلا الحنابلة

فإن الإجارة بالنسبة جائزة عندھم قیاسا على القراض والمساقاة.

10 .أن مرد الخلاف بین الجمھور والحنابلة في الإجارة بالمجھولات راجع إلى الاختلاف في جواز القیاس على الرخصة، فالجمھور على أن الرخصة لا یقاس علیھا؛ لأن ذلك یؤدي إلى كثرة الخلاف في الأحكام، والحنابلة أجازوا القیاس على الرخصة.

11 .أنھ من خلال تنزیل أحكام الإجارة على نوازل المنقبین وجدنا أن أغلب

التعامل عند المنقبین بالإجارة بالمجھولات أي الإجارة بالنسبة؛ والتعامل بالإجارة المعلومة یكاد یكون منعدما.

12 .أنھ وبعد استقراء فتاوى العلماء في بعض نوازل المنقبین وإمعان النظر في أدلة المجیزین للإجارة بالنسبة وما یقترن بذلك من مصالح رجحنا القول القائل بصحة التعامل بالإجارة بالنسبة في مختلف صورھا التي یتعامل بھا المنقبون.

13 .أن شركة الأبدان جائزة عند الحنفیة والمالكیة والحنابلة في التنقیب عن المعادن بشرط اتحاد المكان والصنعة، ومنعھا الشافعیة لجھل المنفعة.

14 .أنھ في بعض الصور التي یستعملھا المنقبون عن الذھب ما یشتمل على

شروط شركة الأبدان التي نص علیھا الفقھاء وھي صور جائزة.

15 .أنھ في بعض الصور التي یستعملھا المنقبون في شركة الأبدان مثل: الصورة التي یساھم فیھا أحد المنقبین بسیارة ویساھم الآخر بالمؤونة، ویدفعان بذلك إلى ثالث یتولى العمل، قال الشیخ محمد الحسن الددو إن ھذا النوع من العقود الجدیدة

وأجازه إذا لم یشتمل على شرط ممنوع، وقاسھ على ما كان یفعلھ الصحابة رضي الله عنھم من إرسال خیلھم مع الغزاة فیسھم للفرس، ویأخذ صاحبھا سھمھا، ویأخذ الفارس المقاتل سھمھ، وھي جائزة أیضا عند الحنابلة.

16 .أن المقرر الذي أصدرت وزارتا المعادن والمالیة لم یشمل واقع المنقبین كلھ بل اقتصر على عملیة الترخیص فقط؛ لذلك فھو یحتاج إلى صیاغة جدیدة تشمل واقع المنقبین.

17 .أن المشرع الموریتاني والباحثین القانونیین لم یعتنوا كثیرا بھذا المقرر

المنظم للاستغلال التقلیدي للذھب.

18 .أن المقرر الذي نظم عملیة الاستغلال التقلیدي للذھب وافق مشھور المذھب المالكي الذي یرى أن النظر في المعادن حق للإمام وحده.

19 .أنھ لا یسوغ قانونا التنقیب من غیر ترخیص وفي الأماكن التي منعتھا

الدولة.

20 .أنھ یمنع منعا باتا استخدام الوسائل المتفجرة في التنقیب عن المعادن،

واستخدام الوسائل الكیمیائیة یحتاج لترخیص خاص من الوزارة المكلفة بالمعادن.

21 .أنھ یحتم القانون على المنقبین عن الذھب بیع ما حصلوا علیھ من الذھب للبنك المركزي أو الشبابیك التي رخص لھا ذلك بصفة قانونیة.

22 .أن المشرع الموریتاني في قانون الالتزامات والعقود ذھب إلى ما ذھب إلیھ الجمھور من شرط معلومیة الأجرة لصحة عقد الإجارة، وعدم جواز الإجارة والكراء بالنسبة.

23 .أن المشرع الموریتاني في مدونة التجارة تحت دائرة النشاطات ذات النفع الاقتصادي، قرر أن من تولى الإشراف على الشراكة في التنقیب عن الذھب لھ التصرف فیما یسمح بھ الاتفاق العام من مصلحة للشراكة.

ُعط

ھذا ما بوسعنا مما ھو متعلق بالتنقیب عن الذھب، ومن المؤكد أنھ لم ی

الموضوع حقھ من التدقیق والبحث نظرا إلى أن الموضوع مستجد، ونوازلھ كثیرة.

ونوصي الباحثین والعلماء بالآتي:

_إعادة النظر في الصور المختلفة من معاملات المنقبین التي أوردنا في ھذا

البحث والتدقیق في الإجابة علیھا وتأصیلھا.

_ الاھتمام بالموضوع والبحث عن مختلف النوازل المستجدة فیھ وبحثھا وحل

إشكالاتھا.

_بحث الجانب القانوني للموضوع والاھتمام بھ.

وفي الأخیر نرجو من العلي القدیر أن یجعل ھذا العمل المتواضع خالصا لوجھھ الكریم، وأن یطھره من الریاء؛ إنھ غفور رحیم، ونعترف أن ما كان فیھ من صواب

فمن الله المنان، وما كان فیھ من خطأ فھو منا ومن الشیطان.

والله نسأل التوفیق والسداد، وأن یصلي على خیر العباد، وعلى آلھ، وصحابتھ ومن

سار على نھجھم إلى یوم المعاد.